آخر الأخبار

هل تتسبّب مضادّات الاكتئاب بآلام في العضلات والعظام ؟

تعَدّ التهابات المفاصل التنَكُّسية وآلام العمود الفقري أسباباً رئيسية للعَجْز الحركي. حيث تشير التقديرات إلى أن ألم الظَهر يصيب 7.3% من سكان العالم، كما يؤثِّر ألم الرقبة على حوالي 5.0%. أما إصابة الورك والركبة بالتهاب المفاصل التنكُّسي، فتؤثِّر على 12%. وكثيراً ما توصَف مضادات الاكتئاب لتدبير هذه الأمراض، حيث أنّها رابع أكثر الأدوية الموصوفة لآلام أسفل الظَهر في الولايات المتّحِدة الأمريكيّة؛ تابع معنا آخر الأخبار

موجَز الدراسة

توصَّلت دراسة جديدة إلى أن مضادات الاكتئاب لا تساعِد كثيراً في علاج آلام العضلات والعظام، بل وقد تكون ضارّة. حيث تظهِر نتائج المراجَعة المنهجيّة أنّ لمثبِّطات امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين، أو مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة. تأثير ضئيل أو معدوم على آلام الظهر، عِرق النسا، أو التهاب المفاصل التنكُّسي. كما وجَد الباحثون أنّ استعمال هذه الأدوية يزيد احتمال حدوث التأثيرات السلبية.

علامَ اعتمدت الدراسة ؟

لتحديد مدى فاعلية هذه الأدوية في تدبير الألم، أجرى الباحثون بحثاً شاملاً حول تجارب محكَّمة. قارنت فاعلية مضادات الاكتئاب مع الدواء الوهمي عند الذين لديهم آلام بأسفل الظَهر أو الرقبة، مع أو دون أعراض جذرية. كذلك عند الذين يعانون من تنكُّس مفصل الورك، الركبة، أو كليهما. كانت النتائج الأوّلية للدراسة هي زيادة شدّة الألم والعَجْز، أما النتيجة الثانوية فكانت زيادة التأثيرات الجانبية.

قال الباحث في الدراسة جيوفاني إي فيريرا، البروفيسور في معهد صحة الجهاز العضلي الهيكلي، جامعة سيدني. أستراليا: “لقد أظهَرنا أنّ فائدة مضادات الاكتئاب للألم محدودة للغاية، وحتى بالنسبة للذين لم يَستجيبوا للمسكِّنات الأُخرى. فقد لا تكون مضادات الاكتئاب هي الحل”.

هل هناك مبالَغة في فوائد مضادات الاكتئاب ؟

أظهَرت بعض الأدلّة الضعيفة أنّ مثبِّطات امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين زادت بشكل كبير من احتمال حدوث آثار جانبية؛ لكن ليس الخطرة منها، وكان الغثيان هو العَرَض الأشيع؛ كما لم يستفِد الأشخاص المصابون بالاكتئاب من هذه الأدوية لتدبير الألم أكثر من غير المصابين.

حيث لاحظ فيريرا أنّ معظَم المشارِكين في التجارِب السريريّة لم يكن لديهم اكتئاب، وقال: “فقط عدد قليل من الدراسات تضمَّنت مرضى يعانون من الاكتئاب؛ لذلك ليس لدينا أدلّة كافية لتقديم توصية مؤكَّدة بأنّه إذا كنت تعاني من الاكتئاب والألم معاً؛ فإن تناوُل مضادات الاكتئاب سيقلِّل الألم”.

كما أنّ معظَم التجارِب قيَّمت المشارِكين لمدّة تصل إلى 3 أشهر فقط، وهذه مشكِلة كبيرة؛ لأن مضادات الاكتئاب تستخدَم عادة كدواء طويل الأمد، لذلك صرَّح فيريرا: “لا نَعلَم ما قد يحدُث لهؤلاء الأشخاص على المدى البعيد، لا من حيث الآثار السريرية، ولا من حيث السلامة”.

توصيات الباحثين

تظهِر النتائج أنّ هناك القليل من المبرِّرات للتوصية بمضادات الاكتئاب للذين يعانون من آلام الظَهر، عِرق النسا، والتهاب المفاصل التنكُّسي؛ و إلى أن تتوفَّر أدلّة أكثر موثوقيّة، يجب أن توضِّح الإرشادات الحالية بأنّ فعالية هذه الأدوية غير مؤكَّدة.

حيث قال فيريرا: “قد تملِك بعض مضادات الاكتئاب تأثيراً مهمّاً سريرياً، خاصة مثبِّطات امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة؛ في علاج الأمراض المزمنة السابقة، لكن لا يمكننا تقديم توصية قوية في الوقت الحالي بسبب عدم موثوقية الأدلّة”. وأشار إلى أن هذا قد يتغيَّر مع إجراء التجارِب بشكل أفضل.

كما نوَّه بضرورة إبلاغ الأطباء للمرضى بالأساليب غير الدوائية الفعّالة لعلاج الألم، بما في ذلك تخفيض الوزن، الرياضة المنتظَمة، وتجنُّب التدخين.

د. جوني الحداد

طبيب مقيم في اختصاص أمراض العين وجِراحتها، مترجِم، وكاتب محتوى طبّي في عِدّة مواقع إلكترونية.
زر الذهاب إلى الأعلى