الألم عند القذف أسبابه، تشخيصه، وعلاجه

نتعرّفُ في مقالتكم هذهِ على أحدِ مواضيعِ الصحةِ الجنسيّةِ قليلةِ التعاطِي رغمَ أهميتها، وهي حالةُ الألم عند القذف وما يترتّبُ عليه من مضاعفاتٍ سيّئةٍ للغاية في الحياةِ الزوجيّة، وفي السلامةِ النفسيّةِ والاجتماعيّةِ رغم ذلك وبسببِ ما تشكّلهُ هذه الحالةُ من حرجٍ على ما يبدو، لا يتمُّ التشخيص الطبيّ إلّا بشكلٍ نادر، لهذا قد لا يعالجُ بشكلٍ صحيح، مما يؤكِّدُ علينا أهميةَ معرفةِ أسبابه، العلاجاتِ المحتملة، والأخطاءِ التي قد يقعُ بها البعضُ في هذا الخصوص، تابعوا معنا. للتعرّف أكثر على أسباب، أعراض، وطرق علاج الألم عند القذف للرجال.

ما هي عملية القذف

هو خروجُ السائل المنويّ، المرحلةُ قبل الأخيرةِ من دورة الاستجابةِ الجنسيّةِ عند البَشَرِ Human sexual response والتي تتكوّنُ من مرحلةِ الانجذابِ والرغبة، يليها مرحلةُ النشاطِ والاستثارة، ثمّ القذفُ وهزّةُ الجماعِ وما يتبعها من تغيراتٍ نفسيّةٍ وجسديّةٍ كتوسّعِ الأوعيةِ الدمويةِ وارتفاعِ نبضِ القلب، ضغطِ الدم، ومعدّلِ التنفّس، وأخيرًا مرحلةُ العودة للحالةِ الطبيعيّةِ للجسم مع استمرارِ فَترةٍ من العصيانِ على الإثارةِ الجنسيّة مجددًا.

لمعرفةِ أسبابِ الألم عند القذف ينبغي فهمُ آلية حدوثهِ إذ يحدثُ من خلالِ خطوتين هما تجميعٌ ومن ثمَّ إخراج. يحدثان نتيجةَ تضافُرِ عمل الجهازِ العصبيِّ المركزيّ (الدماغ، والنخاع الشوكيّ)، بالإضافَة إلى عملِ الجهازِ العصبيِّ الطرَفيّ (الأعصاب). والنواقلِ العصبيةِ مثل الدوبامين، السيروتونين، والنورأدرينالين، وغيرَها، فضلًا عن عدّةِ هرموناتٍ مثل الأوكسيتوسين، البرولاكتين، والهرموناتِ الجنسيّة بالطبع.

متى يقذف الرجل

يقذف الرجل في المرحلةِ الثالثةِ من دورة الاستجابةِ الجنسيّةِ البشريّة. حيثُ تبدَأ الخطوةُ الأولى عمليًا بإغلاق عُنُقِ المثانةِ بهدف منعِ عودة القذفِ إليها، يليها إفرازُ ما تنتجهُ غدة البروستاتِ من مفرزات، بالإضافة إلى سائلٍ لزجٍ من غِدَتي كوبر، و عشراتِ ملايينِ الحيواناتِ المنويّة (النطاف) والتي تخرجُ من الحويصلاتِ المنويّةِ في الخصيتينِ عبر الأسهرين إلى الإحليل (قناةٌ بين المثانةِ وفتحة البول) وبذلك تكتملُ مكوّناتُ السائلِ المنويّ. أما في خطوةِ الإخراج أو مرحلةِ الانفجارِ فيحدثُ انقباضٌ لعددٍ من العضلاتِ الموجودةِ في منطقةِ العِجان Perineum وهي المنطقةُ بين فتحةِ الشرجِ وكيسِ الصَفَن عند الذكر، وذلك مع ارتخاءِ العضلةِ في آخرِ القضيب والتي تحيطُ بفتحةِ البول (الصماخِ البوليّ).

ما هو الألم عند القذف

الألم عند القذف Painful ejaculation (PE) ويعرَفُ أيضًا باسم عُسرِ القذفِ Dysejaculation هو ظاهرةٌ غير مفهومةٍ بشكلٍ جيد، قد يكونُ أحد الأعراض المشخِّصةِ لبعضِ الأمراض. لكن وبسببِ حساسيّةِ هذا الموضوعِ فإنَّ القليل من المعلوماتِ العلميةِ والدراسات البحثيةِ متوفّرةٌ عنه، كما يتمُّ تجاهُله كثيرًا ممّا يجعلُ تشخيصه قليلًا للغاية. برغمِ أن هذا الألم يصيبُ ما يصلُ إلى ربعِ الرجالِ وفق استطلاعاتِ الرأيِّ والإحصائيّاتِ العلميّة، وخصوصًا عند الرجالِ الأكبرِ سنًا.

لـ الألم عند القذف العديدُ من المضاعَفاتِ النفسيّةِ السلبيّةِ؛ قد ينقِصُ الثقةَ في النفس، ويسبّبُ مشاكل جنسيّةٍ أخرى، إذ غالبًا ما يؤدّي إلى نقصانِ الرغبةِ والاستثارة، وتجنُّبِ إقامَةِ العلاقةِ الجنسيّة، ممّا يؤثِّرُ في العلاقةِ العاطفيةِ مع الزوجة، ولاحقًا قد يسبِّبُ القلق، التوتر، والاكتئاب.. لذا ينبغي أن يعالَج نفسيًا وسلوكيًا، دوائيًا، أو جراحيًّا حسب العامِلِ المسبِّب.

أسباب الألم عند القذف

كما أسلفنا فإنَّ أسباب الألم عند القذف غيرُ معروفَةٍ تمامًا. لكن قد يرتبطُ بتشنّجِ بعضِ عضلاتِ الحوض، أو بعضِ الأمراض، والأدوية، كما أنَّ العواملَ النفسيةَ من اسباب الم بعد القذف أيضًا.

الألم عند القذف المرافقُ لبعضِ الأمراض

• عدوى منتقلةٌ عن طريقِ الجنس STI مثل الكلاميديا والسيلانِ البنيّ.
• عدوى المسالكِ البوليّةِ UTI وأهمّها التهابُ الإحليل، والتهابُ المثانة.
• التهابٌ في أيِّ جزء من الطرقِ البوليّةِ كما يحدثُ في حالةِ الحصيّاتِ البوليّة.
• التهابُ البروستات، وكذلك تضخُّمُ البروستاتِ الحميدِ BPH، أو قد يظهرُ بعد استئصالِ غدةِ البروستات.
• كذلك من اسباب الم بعد القذف حالةُ انسداد القناةِ القذفية EDO وهي انغلاقُ أحدِ أو كلتا القناتينِ المسؤولتينِ عن القذفِ وذلك بالحصياتِ غالبًا والتي تسبِّبُ نقص كميةِ السائلِ المنويِّ التي يتمُّ قذفها في كلِّ مرة.

الألم عند القذف كتأثيرٍ جانبيٍّ لبعضِ الأدوية

• بعضُ الأدويةِ المرخيةِ للعضلات الهيكليّةِ مثل سيكلوبنزابرين.
• بعضُ المواد القاتلةِ للنطاف التي توجدُ في بعضِ الواقياتِ الجنسية.
• مضادّاتُ الاكتئابِ ثلاثية الحلقةِ TCAs مثل إيميبرامين، وكلوميبرامين، وحتى مثبّطات عودة التقاط السيروتونين الانتقائية SSRIs مثل فلوكسيتين.

كما قد ترجعُ اسباب الم بعد القذف إلى أذيةِ الأعصاب

• مباشرةً عند تعرّضِ الأعضاءِ الجنسيّةِ للصدمة.
• أو بشكلٍ غير مباشَرٍ كأحد مضاعفاتِ بعضِ الأمراضِ المزمنةِ كالداءِ السكّري، وارتفاعِ ضغطِ الدّم.

أعراض الألم عند القذف

يحدثُ الألم عند القذف أو بعدهُ مباشرةً أو بمدةٍ قصيرة، وتتراوحُ شدّتهُ بين انزعاجٍ خفيفٍ إلى ألمٍ مبرحٍ يحدثُ خلال أو بعد القذف. برغم أنه يوصفُ حدوثهُ في القضيبِ عادَةً، إلا أنه قد يشملُ مختلفَ مناطِق الأعضاءِ الجنسيّةِ من الخصيتينِ إلى حشفةِ القضيبِ وفتحةِ الإحليل، وصولًا إلى المثانَة، أسفلِ البطن، وأعلى العانَة. يستمرُّ أحيانًا بضعَ ثوانٍ فقط، وغالبًا أكثرُ من ذلك حتّى يومينِ أو أكثَر. وقد يرافِقهُ تشنّجٌ بعضِ العضلاتِ في منطقةِ العِجان، يحدثُ هذا من دونِ أعراضٍ جهازيّةٍ عامةٍ عادةً.

متى ينبغي عليّ التوجّه للطبيب ؟

في الواقعِ ما مِن توصياتٍ خاصّةٍ في حالةِ الألم عند القذف وذلك بسببِ الإهمَالِ الكبيرِ له، وعدمِ الرجوعِ للطبيبِ بخصوصه. ينبغي دائمًا التوّجهُ للطبيبِ عند تكرارِ الألم، اشتداده، تغيّرِ طبيعتِه، أو تأثيرهِ على حياةِ الشخص وأنشطتهِ الاعتياديّة. وإنَّ الحاجةَ لتشخيصِ الألَم عند القذف تزدادُ أهميةً إذا رافقَ الألمَ أعراضٌ أخرى مثل ظهورِ دمٍ في البولِ أو السائلِ المنويّ، أو ارتفاعِ في درجةِ حرارةِ الجسم.

ينبغي للطبيبِ معرفة القصةِ المَرَضيّةِ والدوائيّةِ كاملة، وإجراءُ فحصٍ سريريٍّ يتضمنُ فحصَ البروستات، وقد يطلبُ تحليلَ عينةٍ من السائِلِ المنويّ، تحليلَ بول، زرعَ بول (تحرّي وجودَ جراثيمٍ في عينةٍ منه)، تحليلَ دمٍ لتشخيصِ مشاكِل غدّة البروستات، وتنظيرِ المثانةِ أو تصويرِ مجرَى البولِ بالأشعةِ السينيّة X-ray في حالِ الشكِّ بوجود مشاكلَ في مجرى البول.

طرق علاج الألم عند القذف

من المهمِّ عدمُ محاولةِ وتكرار معالجةِ الألم عند القذف بعدمِ الاكتراث، أو بطرقٍٍ منزلية، أو بالأعشاب. رغمَ أن بعضها قد تبدو فائدتها مقنِعة، لكن يجبُ عدم التأخُّرِ في معرفةِ أسباب الألم عند القذف وكيفيةِ معالجته بفعاليةٍ وأمان. إذ قد يوصي الطبيبُ بما يلي:

المعالجة السلوكيّة

• الإنقاصُ من البقاءِ في وضعيةِ الجلوس، والقرفصاء.
• إيقافُ الأنشطةِ التي تحتاجُ إلى بسطِ الوركينِ مثل ركوبِ الدراجة.
• إجراءُ بعضِ التمارينِ الرياضيّةِ التي تنشّطُ عضلات الحوضِ والعِجان.

المعالجة الدوائيّة

• مضاداتُ الالتهاب غيرِ الستيروئيديّةِ مثل إيبوبروفين في حالِ وجود التهاب.
• أدويةٌ أخرى وفقًا للسبب في حالِ كان عدوىً جرثوميةً فتعالَج باستخدامِ المضادّاتِ الحيويّة المناسِبة.
• أمّا في مرحلةِ الشباب فقد يصِفُ الطبيبُ مسكّناتٍ للألم أو دواءِ توبيرامات الذي يستخدَمُ عادةً لمعالجةِ الصرعِ أو الصداعِ النصفيّ.
• يعالَجُ الألم عند القذف في ورمِ البروستاتِ الحميد، أو بعد استئصَالِ البروستات بدواءِ تامسولوسين الذي يرخِي العضلاتِ الملساء في الطرقِ البولية.

معالجاتٌ أخرى

• يعالجُ الألم عند القذف العائدُ لسببٍ نفسيٍّ تحت إشرافِ طبيبٍ نفسيٍّ مختصّ.
• إذا كان مرافقًا لأحد الأدويةِ فيتمُّ إنقاص جرعةِ الدواءِ المتّهم، أو إيقافهُ واستبدالهُ بدواءٍ آمنٍ من هذهِ الناحية.
• إن كانَ من منشأ عصبيٍّ فينبغي معالَجةُ أصلِ المشكلةِ مثل مرضِ السكّري، وارتفاعِ الضغطِ والتي قد تأخذُ عدّة سنوات.
• في حالِ انسداد القناةِ الدافقة التي يخرجُ السائلُ المنويُّ عبرها فإنها تعالجُ بتوسيعها ببالونٍ خاص، أو باستئصالِ العائقِ جراحيًا.

الأسئلة الشائعة