عمليات السمنة وإنقاص الوزن

عملية تدبيس المعدة وتطوّرها ما بين الماضي والحاضر

لقد راج الحديث في السنوات الأخيرة عن عمليّات البدانة الجراحيّة ومدى فوائِدها في التخلّص من تبعات الوزن الزائِد. ولا بدّ أنّك قد سمعتِ بمصطلح ” تدبيس المعدة “، وتساءَلتِ عمّا كان عليه، وما إذا كان مختلفاً عن إجراءاتِ إنقاص الوزن الأخرى التي يتمّ تقديمها بشكلٍ شائعٍ اليوم. كانت عملية تدبيس المعدة في يوم من الأيام إجراءً أساسيّاً لعلاج السّمنة، بهدف فقدان الوزن بشكلٍ سريعٍ وطويل الأمد. وفي حين أنّ الفكرة وراء الإجراء لازالَت قائمة بحدّ ذاتها، إلا أنّ الإجراء نفسه قد تغيّر كثيراً بفضل التقدّم في الجراحة، والخبرة والتّجربة لجرّاحي إنقاص الوزن. إليكِ فيما يلي أهمّ المعلومات عن عملية تدبيس المعدة ، إيجابيّاتها وسلبيّاتها، والمرشّحون المثاليّون للقيام بها؛ تابعي معنا..

ما هي عمليّة تدبيس المعدة ؟


تدبيس المعدة هو نوع من إجراءَات جراحة علاج البدانة، وواحِدة من أقدم أنواعِها. يعتمد المبدَأ الأساسيّ لهذا النوع من الإجراءَات على إنشاءِ كيسٍ صغيرٍ في المعدة باستخدامِ دبابيس أو غيرها من الأدوات، بهدف تصغير حجم المعدة. كان الشكل التقليديّ لها يحظى بشعبيّة كبيرة، لكن نادِراً ما يتمّ إجراء تدبيس المعدة بهذه الطريقة اليوم. حيث قد تمّ استبداله بإجراءَات علاج السّمنة الأكثر تقدمّاً والتي تعتبر الأكثر فاعلية مع مضاعفَات وآثار جانبيّة أقلّ.

أنواع عملية تدبيس المعدة

يمكن تصنيف إجراءات تدبيس المعدة في ثلاث أنواع، تتضمّن:

  1. تكميم المعدة العمودي (VSG).
  2. ربط المعدة القابل للتعديل (AGB).
  3. رأب المعدة الشريطي العمودي (VBG).

دواعي القيام بعملية تدبيس المعدة

الحاجة لإنقاص الوزن الزائِد عندما لا تنجح الطّرق الأخرى في ذلك؛ النّظام الغذائي أو التّمارين الرياضيّة أو الأدوية المصرّح بها لعلاج البدانة. وذلك لاسيما في حال مواجهَة أمراض ومشاكِل صحيّة ناتِجة عن السّمنة ويعتمد علاجها بشكلٍ كبير على خسارةِ الوزن السّريع والفوريّ.

النقاط الإيجابية

  • علاج فعّال لبعض الحالات الصحيّة المرتبطة بالسمنة، حيث يمكن أن تساعد في خفض نسبة السكّر في الدم، خفض ضغط الدم، الحدّ من انقطاع التنفّس أثناء النوم أو القضاء عليه، تقليل عِبء عمل القلب وخفض مستويات الكوليسترول.
  • المساعدة على إنقاصِ الوزنِ بشكلٍ كبير، في حال الالتزام بالنّظام الغذائيّ وتعليمات الطبيب خلال الفترة التالية للعمليّة.
  • يمكن الوصول إلى الوزن المستهدَف من خلال خسارة الوزن التدريجيّة، وهذا أكثر صحّة وفعاليّة على المدى الطويل من بعض الإجراءَات الأخرى ذات النتائِج السّريعة؛ (مثل شفط الدهون).
  • لا يتسبّب تدبيس المعدة في متلازِمة الإغراق، والتي تؤدّي إلى مرور الطّعام بسرعة وعدم هضمهِ في الأمعاء.
  • تقييد كميّات الطعام و السعرات الحراريّة التي يمكن تناوُلها، والشّعور بالشّبع بشكلٍ أسرع.
  • يمكن عكس عمليّة تدبيس المعدة عن طريق إخراج الدبابيس.

النقاط السلبيّة

  • مع تدبيس المعدة، يكون متوسّط ​​فقدان الوزن بعد عام واحد من العملية حوالي 50 في المائة. مقابل ما يقارب إلى 80 بالمائة في إجراءَات علاج السمنة الأحدث.
  • يشعُر معظم الأشخاص الذين خضعُوا لجراحِة تدبيس المعدة بالتعب وانعدام الطّاقة خلال أوّل أسبوعين بعد الجراحة.
  • صعوبَة في الحفاظ على الوزن بعد فقدانِه. وذلك لأن كيس المعدة أو فتحتها يمكن أن تتمدّد بمرور الوقت.
  • يستغرِق التعافِي التامّ من جراحة تدبيس المعدة والعودة إلى الروتين اليوميّ وقت طويل نسبيّاً.
  • لن تظهر أيّة نتائِج فوريّة بعد العمليّة، الأمر الذي يمكن أن يكون محبِطاً للبعض.
  • تترافَق مع مضاعفات وآثار جانبيّة لا يُستهان بها.

الأشخاص المرشّحون للقيام بعملية تدبيس المعدة

  • المرضى الذين يعانُون من السمنة المفرطة (مؤشّر كتلة الجسم أكبر أو يساوي 40)؛ والذين لم يكن العمل بالطّرق غير الجراحيّة فعّالاً بالنسبةِ لهم.
  • الأشخاص الذين يعانُون من السّمنة (مؤشّر كتلة الجسم من 35 إلى 39.9)؛ لكن مع مشكلة صحيّة خطيرة تتعلّق بالوزن؛ مثل: مرض السّكري من النمط 2، ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب، ارتفاع الكوليسترول (فرط شحميّات الدم) أو انقطاع التنفّس الشّديد أثناء النّوم.

الأشخاص الذين لايمكنهم إجراء عملية تدبيس المعدة

  • تشمل موانِع جراحة السمنة؛ بما فيها تدبيس المعدة، الأمراض التي تقلّل من متوسّط العمر المتوقّع ومن غير المرجح أن تتحسّن مع إنقاص الوزن، بما في ذلك؛ السرطان المتقدّم وأمراض الكِلى، الكبد والقلب الرئويّ في المرحلة النهائيّة.
  • الأمراض النفسيّة الشديدة والحالات التي قد تجعل المرضى غير قادرين على فِهم طبيعة جراحة السمنة أو التغيرات السلوكيّة المطلوبَة بعدها، بما في ذلك، الفِصام غير المعالج، وإدمان المخدّرات.
  • عدم القدرة على تحمّل التخدير العام، واعتلال التخثر الذي لا يُمكن السيطرة عليه.
  • مريء باريت ومرض الجزر المعدي المريئي الحاد.
  • تاريخ من عدم الامتثال للرعاية الطبيّة.

نصائِح ما قبل العملية

  • ممارسَة التمارين الرياضيّة والبدء بنظامٍ غذائيّ صحيّ منخفض السّعرات الحراريّة قبل عدّة أشهر من إجراء جراحة تدبيس المعدة.
  • إيقاف جميع الأدوية المضادّة للتخثّر، مثل الأسبرين أو الإيبوبروفين أو النابروسين، أو أيّ أدوية أخرى قد تؤثّر على تخثّر الدم.
  • إعلام الطبيب بجميع الأدوية (التي تُصرَف بوصفة طبية ودون وصفة طبية)، والمكمّلات العشبيّة التي تتناولها.
  • من المهمّ إخبار الطبيب إذا كان لديك حساسيّة من بعض أدوية، أو اللّاتِكس، أو أدوية التخدير.

تحضير المريض للعملية

  • إجراء فحص سريري كامِل للتأكّد من أنّك بصحّة جيّدة قبل الخضوع للعمليّة. بالإضافَة إلى فحوصات الدّم أو بعض الاختبارات التشخيصيّة الأخرى في بعض الحالات.
  • الصّيام لمدّة ثماني ساعات قبل الإجراء، بشكلٍ عام من بعد منتصف اللّيل عشيّة الجراحة.
  • حلق الشّعر الزائد في موقع الجراحَة، وتنظيف الجلد بمحلولٍ مطهّر.

كيفية إجراء العملية


عمليّة تدبيس المعدة هي اسمٌ عامّ لعدّة إجراءات جراحيّة تُجرَى بيدِ جرّاح البدانة في المشفى تحت تأثير التّخدير العام. وذلك إمّا بالتنظير أو عن طريق فتح البطن التقليديّ، حيث يمكن أن تستغرِق العمليّة من ساعة حتّى ثلاث ساعات تقريباً.

خطوات الإجراء

  • يتمّ بدايةً فتح خط وريدي (IV) في ذراعك، إعطاء أدوية التّخدير، وضع أنبوب رغامي، أنبوب معدي، وقثطرة بوليّة.
  • في الإجراء المفتوح، يقوم الطبيب بفتح شقّ واحدٌ كبير في منطقة البطن. أمّا بالنسبة للإجراء التنظيريّ، سيتم إجراء سلسلة من الشقوق الصغيرة، وإدخال غاز ثاني أكسيد الكربون لتضخيم تجويف البطن بحيث يمكن بسهولة رؤية المعدة والبِنى الأخرى.
  • أثناء جراحة تدبيس المعدة، يقوم الجرّاح بإنشاء جيب صغير في المعدة ليستوعِب ما يقرُب من ربع كوب من السّائل فقط، ويفصلها عن باقي المعدة باستخدام دبابيس جراحية.
  • يتم ترك فتحة بحجم قطعة نقديّة تقريباً بين منطقتي المعدة، بحيث يمكن للطعام أن ينتقل من الجيب إلى منطقة المعدة الأكبر.
  • في إجراء تدبيس المعدة الأصلي أو ما يدعى تكميم المعدة العمودي (VSG)، تم استخدام الدبابيس الأساسيّة فقط لإنشاء الجيب، في حين تم بعد ذلك تطوير VBG.
  • لإجراء عمليّة رأب المعدة الشريطي العمودي (VBG)، يستخدم الجرّاح رباط لفصل جيب المعدة عن باقي المعدة، بالإضافة إلى الدبابيس. هذا ما يجعل العزل أقوى وأكثر ديمومة.
  • أمّا في عمليّة ربط المعدة القابل للتعديل (AGB) يتمّ ربط شريطٍ قابلٍ للنّفخ بمحلول مِلحي، حول الجزء العلويّ من المعدة، وشدّه مثل الحِزام، لتشكيلِ جيب صغيرِ سيكون بمثابة معِدة جديدة أصغر بكثير. بعد الإجراء، يمكن للطبيب تعديل قطر الشّريط حول المعدة، عن طريق إضافَة أو سحب كميّة من المحلول الملحيّ. حيث لا يتمّ في هذا الإجراء استخدام أيّة دبابيس.
  • يتم إغلاق الشقّ (أو الشّقوق) بالخيوط القابِلة للامتصاص أو الدبابيس الجراحيّة، ووضع ضمادة معقّمة.

بعد جراحة تدبيس المعدة، يبقى المرضى في المستشفى لمدّة يوم إلى ثلاثة أيام عادةً. بينما يستغرق الأمر 1 إلى 3 أسابيع من الرّاحة التامّة والحدّ من الأنشطة الجسديّة حتّى يمكن العودة بعدَها إلى الرّوتين اليوميّ العاديّ.

متى تظهر نتائِج العملية ؟


يظهر لدى معظمُ المرضى نتائجَ ملحوظة خلال الأسابيع الستّة الأولى بعد الجراحة؛ لكن في الحقيقة، يتعلّق هذا الأمر إلى حدٍّ كبير بمقدار الالتزامِ بالنّظام الغذائيّ وتعليماتِ الطّبيب بعد العمليّة.

اختلاطات العمليّة

تعتبر عمليّة تدبيس المعدة من الجراحَات الكبرى لذلك فإنها تنطوي كغيرِها على مخاطِر وآثار جانبيّة، نذكر منها:

المخاطر

  • نزف.
  • التهاب رئوي.
  • اضطراب نظم القلب.
  • صمّة رئويّة (انسداد رئوي).
  • جلطة دمويّة في أوردة الساق.
  • تضيق الاتصال بين جزئي المعدة.
  • التسرّب بين الدّبابيس أو تآكل الحزام.
  • انزلاق الشريط وتسرب المحلول الملحي من المخاطِر الخاصّة بجراحة ربط المعدة القابل للتعديل.

الآثار الجانبيّة

  • الأثر الجانبي الأكثر شيوعاً لتدبيسِ المعدة هو الارتجاع المعدي المريئي (GERD).
  • الألم في مكان الشقّ، خاصّة مع التنفّس العميق والسعال والمجهود.
  • تمدّد جيب المعدة، ممّا يقلّل من أهميّة النتائِج وفعاليّة العمليّة.
  • الشعور بالبرد و/أو التعب.
  • تغيّرات في المزاج.
  • الإقياء والإسهال.
  • جفاف الجلد.

متى أطلب المساعدة الطبية ؟

يجب التواصُل مع الطبيب الذي أجرَى العمليّة وإبلاغه بمجرّد حصول أيّ طارئ بعد مغادرَة المشفى؛ لاسيما في حال حدوث :

  • حمّى أو قشعريرة.
  • احمرار أو تورم أو نزيف.
  • زيادة الألم حول موقع الشقّ.
  • أي نزّ أو تصريف للسوائِل من موقع الشق، ما قد يشير إلى تسّرب بين الدبابيس يستدعي جراحة طارئة.

نصائِح ما بعد العملية

  • تجنّب تناوُل الطعام بسرعة وبكميّات كبيرة.
  • زيادة النشاط البدنيّ تدريجيّاً بعد فترة وجيزة من الجراحة لمنع تكوّن جلطات الدّم.
  • اتّباع إرشادات الطبيب الخاصة بالتغذية والتمارين الرياضية وتناوُل المكمّلات الغذائية.
  • تجنّب رفع الأشياء الثقيلة لعدّة أشهر من أجل منع الضغط على عضلات البطن والشقّ الجراحي.
  • قد يزيد الأسبرين أو بعض أدوية الألم الأُخرى من فرصَة حدوث نزيف، لذلك تأكّد من تناول الأدوية الموصَى بها فقط.

الفرق بين تدبيس المعدة وتكميم المعدة

جراحَة تكميم المعدة هي أحد أكثر إجراءَات جراحة السمنة شيوعَاً في الوقت الحاضر. يكمُن الفرق بين تدبيس المعدة وتكميم المعدة ، أنّه على عكس تدبيس المعدة، فإن جراحَة تكميم المعدة دائِمة ولا يمكن تغييرها أو عكسَها. حيث يتمّ فيها استئصال معظم حجم المعدة وخلق كيس معديّ عن طريق خياطة حواف المعدة المتبقية، ليطلَق على كيس المعدة الصغير هذا اسم “الكم”. بالإضافَة إلى ذلك، إنّ الفرق بين تدبيس المعدة وتكميم المعدة الأهمّ أنّ إجراءَات عمليّة التكميم أسهل تحمّلاً وتقلّل من المضاعَفات، مع زيادة في فقدان الوزن إلى الحدّ الأقصى.

متوسّط تكلفة عملية تدبيس المعدة في البلدان العربية والخارج

يبلُغ متوسّط سعر عملية تدبيس المعدة حوالي 15000 دولار في معظم دول العالم؛ حيث :

  • تبلغ تكلفة عملية تدبيس المعدة في السعوديّة 56261.61 ريال سعودي.
  • بينما يتراوح سعر عملية تدبيس المعدة في مصر ما بين 30000 و70000 جنيه مصري.
  • أما في الإمارات العربية المتّحدة فتصل تكلفة عملية تدبيس المعدة 40000 درهم إماراتيّ،
  • في حين يتراوح سعر عملية تدبيس المعدة في الأردن ما بين 8,000 إلى 15,000 دينار أردني.

د. فرح أبو شهله

طالبة في كليّة الطّب البشري، كاتبة محتوى طبّي في موقع صحّتي.
زر الذهاب إلى الأعلى